تنفيذ النفقات العمومية

*******

 

المحور الأول : المرحلة الإدارية لتنفيذ النفقات العمومية 

 

   

الفصل الأول : الإعداد لتنفيذ النفقات

إن الإعداد لتنفيذ النفقات بوجه عام يوجب على الآمر بالصرف الحرص على توفير عنصرين

إن الإعداد لتنفيذ النفقات بوجه عام يوجب على الآمر بالصرف الحرص على توفير عنصرين أساسيين قصد القيام بمهامه في إطار الشرعية و الشفافية و النجاعة المطلوبة و نعني بذلك وجوب توفر الجانب القانوني للنفقات المزمع القيام بها و كذلك ضرورة القيام بعديد الأعمال المادية التحضيرية.

الفقرة الأولى : توفر الجانب القانوني لتنفيذ النفقات.

الفقرة الثانية : الإعداد المادي لتنفيذ النفقات.

 

الفقرة الأولى : توفر الجانب القانوني لتنفيذ النفقات:

لا يمكن لآمر الصرف مباشرة مختلف العمليات المؤدية لتنفيذ النفقات قصد سدّ حاجيات إدارته إلا متى توفرت بعض الجوانب القانونية و من إبرزها:

 1) فتح الاعتمادات.

 2) التعيين القانوني لآمر الصرف.

1) فتح الاعتمادات:

يحجّر الفصل 84 من مجلة المحاسب العمومية، كما ذكرنا سابقا، عقد أي نفقة أو صرفها ما لم يقع تقريرها بميزانية المصاريف، و هو ما يعبر عنه بالترخيص السياسي المسبق في إنجاز النفقات ، لكن هذا وحده لا يكفي حتى يشرع مختلف آمري الصرف فعليا في إنجاز النفقات ، بل وجب فتح الإعتمادات لدى كل هيكل العمومي و توزيعها بحسب طبيعته.

أ- الإعتمادات الخاصة بالدولة :

بعد المصادقة على ميزانية الدولة من قبل مجلسي  النواب و المستشارين  بمقتضى قانون المالية و ذلك حسب الأبواب و الأجزاء ، يتم توزيع الإعتمادات قسما قسماو فصلا فصلا بمقتضى أمر، فتصبح الإعتمادات موزّعة حسب الأبواب و الأقسام والفصول وهو ما أقره الفصل 32(جديد) من القانون الأساسي لميزانية الدولة ، مع التأكيد على أن الفصل المذكور منع إدخال أي تغيير على الإعتمادات التي أقرها قانون المالية بمناسبة صدور أمر التوزيع .

 و بالاعتماد على ما جاء بالفصل 32 من القانون الأساسي للميزانية يتم توزيع نفس هذه الاعتمادات داخل كل فصل إلى فقرات بمقتضى قرار يصدره وزير المالية .

ويتم توزيع إعتمادات كل فقرة إلى فقرات فرعية بقرار من رئيس الإدارة.

و على هذا الأساس تتولى الإدارة المكلفة بالميزانية إعداد هذه القرارات وإرسالها إلى المتدخلين في عند تنفيذ الميزانية آمر الصرف و المحاسب و مراقب المصاريف العمومية ، إلى جانب إدراجها بمنظومة "أدب" الإعلامية المخصصة للتصرف في النفقات العمومية .

إن الاعتمادات المرسمة بميزانية الدولة توضع تحت تصرف آمري صرف مختلفي الدرجات كما سبق أن عرّفناهم، وهذا يقتضي ضبط طريقة معينة تسمح بتدخل كل واحد منهم في حدود ما منح من صلاحيات فبالنسبة لآمر الصرف الأول ليس هناك إشكال لأنه يتولى الصرف من إعتمادات الباب المخصص لوزارته مباشرة بعد صدور الأمر وقرار وزير المالية المذكورين أعلاه الذين يوزعان الاعتمادات، لكن الوضع ليس كذلك بالنسبة للإعتمادات المفوضة، والإعتمادات المحالة.

 

_ الاعتمادات المفوضة Les Crédits Délégués :87  مجلة المحاسبة العمومية

هي إعتمادات توضع تحت تصرف آمري الصرف المساعدين قصد مجابهة المصاريف التي يتطلبها تسيير المصالح الخارجية للوزارات بواسطة أوامر تفويض إعتمادات .

في خصوص طريقة تفويض هذه الاعتمادات صدر منشور من وزير المالية بتاريخ 13 مارس 1999  تحت عدد 263 أقر إجراءات تبسيطية نظرا لاعتماد منظومة أدب   ADEB في التصرف المالي في ميزانية الدولة، حيث حذفت تأشيرة مراقب المصاريف العمومية على أمر تفويض الإعتمادات l’ordonnance de délégations  des crédits وكذلك تأشيرة مصالح الميزانية بوزارة المالية وإحداث تأشيرة إعلامية لآمر الصرف الأول بحيث تصبح الأذون بالتفويض نافذة المفعول بمجرد التأشير عليها من قبل هذا الأخير على أن النسخة الأصلية توجه وجوبا إلى المحاسب المعتمد لدى آمر الصرف المساعد.

_ الاعتمادات المحالة Les crédits transférés  : الفصل 87 مكرر  مجلة المحاسبة العمومية

تتعلق بنفقات تصرف وتجهيز، تكتسي صبغة جهوية مرسمة بميزانيات الوزارات تحول لفائدة ميزانيات المجالس الجهوية بواسطة إصدار أوامر صرف لفائدة قابض المجلس الجهوي. عندها يقوم الوالي بصرف الاعتمادات بوصفه آمر صرف أول لميزانية المجلس الجهوي. وقد صدرت تعليمات عامة عن وزير المالية مؤرخة في 24 مارس 1998 توضح طرق التصرف في هذه الاعتمادات وترسم الاجراءات التطبيقية الواجب إتباعها على مستوى الادارة المركزية وعلى مستوى الجهات.

وفي ختام الحديث عن فتح الإعتمادات و ضرورة توفرها ، لابد من الإشارة إلى أن القانون الأساسي للميزانية أجاز صلب الفصول 36 و 37 و38 تحويل (نقل)  الإعتمادات إذا ما دعت الحاجة إلى ذلك وفق ضوابط فنية محدودة.

 

ب- الإعتمادات الخاصة بالمؤسسات العمومية :

يتم توزيع الإعتمادات المرسمة بقانون المالية لفائدة المؤسسات العمومية على النحو التالي :

- إعتمادات التصرف : توزع حسب الحالة على مستوى الفصول أو على مستوى الفصول والفقرات بقرار من سلطة الإشراف وذلك حسب نسبة تغطية الموارد الذاتية للمؤسسة المعنية لنفقات التصرف الخاصة بها، على أن النسبة و طرق إحتسابها تضبط بأمر مع مراعاة القوانين الخاصة ببعض أصناف المؤسسات العمومية.

و يتم توزيع الإعتمادات المذكورة على مستوى الفقرات والفقرات الفرعية أو على مستوى الفقرات الفرعية حسب الحالة بمقرر من مدير المؤسسة.

- إعتمادات التجهيز :

      * يتم توزيع إعتمادات التعهد les crédits d’engagement  حسب الفقرات والفقرات الفرعية بقرار من وزير المالية.

      * يتم بقرار من سلطة الإشراف توزيع إعتمادات الدفع les crédits de paiement  حسب الفقرات والفقرات الفرعية.

و في كل الحالات المذكورة أعلاه يتم توزيع نفقات المؤسسات العمومية حسب تبويب يضبطه وزير المالية.

ومختلف هذه القرارات الوزارية يقع إعتمادها من قبل آمر الصرف ليباشر عملية تنفيذ الميزانية خاصة على مستوى النفقات.

مع الإشارة إلى أن نقل الإعتمادات يتم من طرف الجهة التي قامت بفتح الإعتماد كما تم بيانه أعلاه .  

ج- الإعتمادات الخاصة بالجماعات العمومية المحلية :

بعد الإقتراع على ميزانية الجماعة المحلية من طرف مجلسها في مستوى الأقسام و الفصول و إحرازها على مصادقة سلطة الإشراف ، يتولى رئيسها توزيع الإعتمادات داخل كل فصل على أساس الإقتراحات الواردة بالمذكرة التفسيرية المصاحبة لمشروع الميزانية ، و بعد ذلك بالإمكان الشروع في إنجاز النفقات في مفتتح السنة المالية بإعتماد وثيقة كراس الميزانية حسب الأنموذج الموحد المعد للغرض .

 ولابد من التأكيد هنا كذلك على وجوب إحترام مبدأ التخصيص الذي يمنع تثقيل نفقة ما على إعتمادات مفتوحة لتغطية صنف آخر من النفقات ، إلا أن المشرّع مكن آمر الصرف من بعض الإجراءات المرنة لتجاوز ما يمكن أن يحدث من طوارئ من شأنها أن تعرقل السير العادي لنشاط الجماعة المحلية حيث أجاز الفصل 27 من القانون الأساسي لميزانية الجماعات المحلية تحويل الإعتمادات وفقا لإجراءات محددة من فقرة إلى فقرة أو من فصل إلى فصل ، وذلك بالإعتماد على مبدأ توازي الإشكال على غرارعمليتي الإقتراع والمصادقة على مشروع الميزانية .   

2) التعيين القانوني لآمر الصرف:

لا يمكن مباشرة عمليات تنفيذ النفقات العمومية إلا من طرف الأشخاص المؤهلين لذلك حسب ما نصت عليه مجلة المحاسبة العمومية :

     آمر صرف بحكم صفته الأصلية كمسؤول أول على رأس الهيكل العمومي:

- مثل الوزراء بالنسبة للدولة(الفصل 85 مجلة المحاسبة العمومية) .

- مديري المؤسسات العمومية(الفصل238 مجلة المحاسبة العمومية).

- رؤساء الجماعات المحلية (الفصل 268 مجلة المحاسبة العمومية) .

و كل منهم آمر صرف أول.

 

     آمر صرف مساعد يتم تفويض السلطات له بقرار من طرف آمر الصرف الأول. الفصل 6 م م ع والفصول 87  بخصوص الدولة و 238  بخصوص المؤسسات العمومية و268 بخصوص الجماعات المحلية.

 

     كما أنه يجوز لآمر الصرف الأول تفويض حق إمضاء الوثائق المتصلة بالتصرف المالي لأحد مساعديه، مثل التعهدات وأذون الطلب وأذون الصرف، ويجب أن يكون هذا التفويض كتابيا حتى يقع اعتماده من قبل بقية الأطراف المتدخلة.

 

الفقرة الثانية : الإعداد المادي لتنفيذ النفقات:

1) تنظيم المصالح .

2) دراسة الحاجيات .

      1) تنظيم المصالح :

على غرار أي نشاط يتطلب تنفيذ الميزانية تنظيما محكما للمصالح الإدارية يرتكز على مبدأ التفريق بين المهام الموكولة لمختلف مساعدي الآمر بالصرف و ذلك لضمان حد أدنى من الرقابة الداخلية المتبادلة لا سيما في مجال تنفيذ النفقات و استلام و تسليم المواد، و الشهادة بانجاز العمل و مطابقته للمواصفات المطلوبة  مثل :

- التفريق بين مصلحة الموظفين و مصلحة تصفية الأجور.

- التفريق بين مصلحة الشراءات و المغازة .

- التفريق بين مصلحة الشراءات و مصلحة الشؤون المالية التي تعد مطالب التعهد و تقوم بالتصفية و تعد أوامر الصرف.

      2) دراسة الحاجيات:

تعد دراسة الحاجيات بصفة مسبقة أحد الشروط الأساسية لتحقيق هدف التصرف السليم في الأموال العمومية .

أ‌)      زمن دراسة الحاجيات :

تدرس الحاجيات من طرف الإدارة في مناسبات ثلاث:

 بمناسبة إعداد مخططات الإستثمار :حيث تقدم الإستثمارات في شكل مشاريع واضحة المعالم مع كل ما يتصل بها من توقعات و مذكرات تفسيرية حول الحاجة إلى مثل هذه المشاريع و حجمها و الأماكن التي يجب أن تنجز فيها.

 بمناسبة إعداد الميزانية: حيث يتم سنويا تقدير ما تحتاجه المجموعة الوطنية من مشاريع، باعتبار ما تم ضبطه بالمخطط، و ما تحتاجه الإدارة من معدات و وسائل عمل و خدمات و غيرها ، و لا يكون هذا عبر إتخاذ قرارات عشوائية أو اعتباطية بل يكون بدراسة الحاجيات بكل جدّية و فعالية  حتى تتفادى الإدارة التبذير في نفقات لا تتلاءم طبيعتها و حجمها مع متطلباتها الحقيقية .

  عند تنفيذ النفقات : لا يتم تنفيذ الميزانية دفعة واحدة بل على مراحل وحسب تأكد الحاجة إلى ذلك ، و لتحديد حجم كل نفقة تجد الإدارة نفسها مرّة أخرى مجبرة على دراسة الحاجيات وهي تعتبر في الواقع امتدادا للمرحلتين السابقتين.

ب- إيجابيات دراسة الحاجيات:

من مزايا الدراسة المسبقة للحاجيات :

- التوصل إلى تجميع الشراءات و عدم تجزئة الطلبات و ما يترتب عليها من إخلال بقاعدة وجوب عقد الصفقات.

- التمتع بالمزايا التي توفرها المنافسة في مجال النفقات العومية.

- تجاوز الإشكاليات الناتجة عن الحالات الإستعجالية مع سرعة الإنجاز الصائب.

- تمكن من إختيار أجدى الطرق و أنسب المزودين أو المقاولين لتلبية حاجيات الإدارة و ضمان شروط النجاعة و الإقتصاد للنفقات.

- تحاشي تخصيص إعتمادات ببنود لا تكون الحاجة لها متأكدة و ذات أولوية على حساب بنود أخرى الحاجة لها أكبر مثل سداد بعض الديون .

- تجنب إشكاليات إجراءات نقل الإعتمادات من بند إلى آخر.

ج- أشكال دراسة الحاجيات:

تدرس الحاجيات عادة بطرق مختلفة أهمها :

- دراسة الحاجيات من طرف المصالح الإدارية و الفنية التابعة للإدارة ذاتها وذلك على أساس معدّل الإستهلاك لفترة معينة إذا كان الأمر يتعلق بحاجيات متجدّدة تعودت عليها هذه المصالح مثل إستهلاك المحروقات و المطبوعات و المواد المكتبية.

- دراسة الحاجيات بالتعاون مع إدارات فنية مختصة مثل مصالح وزارة التجهيز بالنسبة لأشغال الصيانة و التعهد الدوريين.

- دراسة الحاجيات من طرف مكاتب دراسات و مصممين خواص فيتولو تحليل الحاجيات و دراستها حسب ما تقتضيه أصول المهنة و ذلك بالنسبة لمشاريع البنية الأساسية أو التجهيزات الكبرى أو المشاريع ذات الصبغة الجهوية .

و بصفة عامة يمكن القول أن مهمة دراسة الحجيات، الواجب على الإدارة القيام بها بصفة مباشرة أو بواسطة الغير إنما تعد أحد أهم شرطين لتنفيذ النفقات العمومية وهما : شرط الشرعية من جهة و شرط الإقتصاد و النجاعة و الفعالية من جهة أخرى.

 

أعلى الصفحة

 

الفصل الثاني : عمليات تنفيذ النفقات لدى الآمر بالصرف