خواطر حول مفهوم الإستقلالية

كثيرا ما نتحدث هذه الأيام عن  إستقلالية القضاء و الإعلام و النقابات و المنظمات بصفة عامة.

 في الغالب، و نحن بصدد التخلص من براثن نظام مستبد، يفهم الإستقلال على أن هذه الأجهزة لابد أن تكون مستقلة عن الدولة بحيث لا تتدخل هذه الأخيرة في شؤونها بالمرّة، هذا شيء طبيعي و هو من مقومات النظام الديمقراطي، لكن هذا التعريف أو الفهم يعتبر قاصرا  و غير متوازن لأن مفهوم الإستقلال أوسع و أشمل :

ü        القضاء يجب أن يكون مستقلا عن كل الإرادات إلا إراته هو كسلطة تحكم في ما عرض عليها من قضايا على أساس القانون و فقه القضاء و العرف الجاري لا غير وتبقى السلطات الأخرى بعيدة بما في ذلك سلطان الجاه المال .

ü        الإعلام و هو السلطة الرابعة  يجب أن يكون المنتمي لأسرته، حتى و إن كان يحمل مرجعية فكرية أو إيديولوجية و حتى منتميا لتيار سياسي، يجب أن يتحلى بأخلاقيات المهنة و يكون متمتعا بحرفية تجعله بالنسبة للمتلقي مرآة تعكس الواقع كما هو بشكل محايد و عادل  دون تعتيم أو تزويق و يترك الفرصة  للسواد الأعظم للحكم على الموضوع ، هذا يعني أن الإعلام لا ينجح و لا يمكن أن يكون وسيلة نافعة إذا ما كان أداة بيد طرف معين يوجهه حيث ما أراد هو.

ü        النقابات لابد أن تكون مستقلة عن كل الأحزاب بما يعني عدم تطويع العمل النقابي لخدمة مصالح أخرى غير مصالح المنخرطين و أن تكون قراراتها تنم عن عقلية تراعي المصلحة العامة لا المصلحة الخاصة لأي طرف كان.

ü        المنظمات الوطنية سبب وجودها أصلا هو خدمة المجتمع المدني حسب مجال نشاط كل جمعية و ليس العكس، و هو ما يفرض عليها عدم الخوض في الشأن السياسي حتى لا تختلط الأهداف و يختل التوازن في مجالات التدخل.

ü        و أيضيف بأن الحكومة يجب أن تكون في أهدافها و برامجها و إنجازاتها مستقلة عن الحسابات الضيقة للأحزاب التي تكونها بمعنى تقديم المصلحة العليا للوطن و الشعب على المصلحة الخاصة.   

ما حدث في تونس بعد الثورة هو تحوّل نسمات الحرية إلى عاصفة هوجاء تكاد أن تزعزع أركان البيت التونسي بمعنى الإفراط في و التوسيع في مفهوم الحرّية لتصبح فوضى و عبث، لولى و جود أغلبية عاقلة و رصينة شكلت ما يعرف بكاسرات الرّياح، و هذا هو الوجه الحقيقي للتونسي الحرّ الذي أسس لبناء نموذج عالمي سيبقى مرجعا على مرّ التاريخ المعاصر، فلنحافظ عليه جميعا

 و أذكر الشعب التونسي بقول الله تعالى: إِن يَنصُرۡكُمُ اللّهُ فَلاَ غَالِبَ لَكُمۡ وَإِن يَخۡذُلۡكُمۡ فَمَن ذَا الَّذِى يَنصُرُكُم مِّن بَعۡدِهِ وَعَلَى اللّهِ فَلۡيَتَوَكِّلِ الۡمُؤۡمِنُونَ.     

 

 

Écrire commentaire

Commentaires: 0